فياض وخطة البيرويسترويكا الاقتصادية الفلسطينية
Refqa86@hotmail.com
"الدولة الفلسطينية سوف تقوم إذا صدقنا بأنها ستقوم"، آخر تصريحات فياضوف للنهار اللبنانية، منذ قرأت هذه الجملة بدأت أفكر بأي نوع من أنواع الجمل هي، هل هي جملة تمني أم جملة حالمة، ليست هذه بل هي جملة مشروطة حسب اللغويين، المسألة بهذه السهولة وقد تكون أكثر سهولة مما نتصور، صدق أن الدولة ستقوم بغض النظر عن ملامحها دولة أو دويلة أو إمارة أو مملكة بكل أشكالها، لن تكون إلا مسخا عن فلسطين التاريخية؛ أي كلما بادر الجانب الفلسطيني بتصديق قيامها وكلما بذل مجهودا في سبيل قيامها ستتضح معالمها أكثر، بالإضافة إلى أن الطريق إلى هذه الدولة تستغرق سنتين على التحديد وقيامها مرتبط بخطة اقتصادية طرحها كل من نتياهوف وفياضوف.
بنود هذه الخطة تقتضي قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح غير واضحة المعالم، وما يترتب على ذلك من إلغاء حق العودة والتعويض للفلسطينيين. وفي سبيل الخطوة السابقة يترتب القيام بلقاءات بين رؤساء البلديات المحتلة داخل أراضي 48، ونظرائهم من الفلسطينيين في مناطق السلطة الفلسطينية، يصاحب هذه اللقاءات إقامة مناطق صناعية مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ بهدف تشغيل 50 ألف فلسطيني في هذه المناطق، والحديث يدور عن الشروع بتنفيذ هذه المناطق في جنين وأريحا كمقدمة. واضح أن هذه الخطة قد وجد فياض عليها بصمات عربية خلال جولاته العربية مؤخرا ومباركة واسعة من قبل أطراف عربية لذلك أخذت المنحى التطبيقي على وجه السرعة.
إن قراءة أولية في هذه الخطة تفيد بأن خطواتها متعثرة، في سبيل قيام الدولة المفترضة، وهي حتما ستمنح غطاء كبيرا للاحتلال وسياساته التوسعية، وهي عملية نشر للوهم على مستوى عالمي وإقليمي وداخلي بأن الحل ممكن وأنه أضحى وشيكا ؛ فعربون السلام الذي يقدمه نتنياهو للفلسطينيين والعرب في هذه المرحلة، هو الإعلان عن وضع حجر أساس لمستوطنة جديدة، والتوسع الاستيطاني في بؤر استيطانية أخرى. وكل هذه الخطوات أعقبت إعلان نتنياهو عن تجميد الاستيطان مع منح بعض البؤر حقوق استثنائية بالتوسع؛ كيف لا وقد تمكن من إقناع الإدارة الأمريكية الجديدة، بأن مفاوضات مع الطرف الفلسطيني لا تشترط تجميدا للاستيطان. وعبر تجربة نتنياهو علم -خلالها- جيدا بأن كل ما يطبخه المجلس الوزاري الإسرائيلي المكبر والمصغر، وبكل أحجامه وقياسا ته يجد من يأكله ويشربه من الفلسطينيين والعرب، وزيادة على الطبق صفعة تأتي بعد تناوله بحرب إبادة هنا أو هناك؛ ليقول لسان حال إسرائيل اشربوا ما صنعت أيديكم يا مطايانا على الأرض.
إن رجوعا إلى بنود اتفاقية أوسلو في هذه المناسبة ،وبكل مناسبة بات أمرا حتميا؛ لاستعراض أبعاد هذه الخطوة تحت مظلة أوسلو. الاقتصاد الفلسطيني وحسب بنود اتفاقية أوسلو مقيد وأمامه العديد من العثرات، وهذا ينسحب على قطاعاته التجارية والزراعية والصناعية الخ. إن هذه القيود التي وضعتها أوسلو على الاقتصاد الفلسطيني تبدو طبيعية في سياق إجهاض أي محاولات مستقبلية لتحقيق، ولو استقلال اقتصادي فلسطيني نسبي عن الاقتصاد الإسرائيلي ومساعدات الدول المانحة.
وهنا يقودنا تشعب خيوط الخطة لاستعراض معضلة أخرى قد تساعدنا في فهم سير الأمور بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني بشكل أوسع، وهي المؤسسات الدولية العاملة في فلسطين، حيث جزء كبير منها يعمل منذ العام 48 في فلسطين المحتلة، هذه المؤسسات تحمل العديد من الأسماء التي تشير على بلدها الأم أو مؤسستها الدولية الأم التي تشرف على عملها ومنحها الموارد المالية والبشرية غالبا، حتى مؤخرا انتهت الحروف الإنجليزية التي تشير إلى أسمائها لنرى مؤسسات تحمل أسماء لاتينية وصينية ويابانية.
.
هذه حقيقة، فالاقتصاد الفلسطيني وكما هو واقع الحال "وكالة من غير بواب " كما اتضح عبر دراسة المركز الفلسطيني للنزاهة والشفافية والمساءلة أمان ، بأن هذه المؤسسات غير مسجلة لدى وزارة الداخلية الفلسطينية، ولا تقدم كشف عن موازناتها المالية، ولا تقدم مدونات سلوك، في الوقت الذي تمنح به أكبر نسبة رواتب لعامليها فإنه لا يترتب على المؤسسات والعاملين أي ضرائب، وفقا لقاعدة كونهم غير مسجلين لدى السلطة. هذا عدا عن حالة الفوقية التي اعتادت التعامل معها هذه المؤسسات مع كل من يحاول دق ناقوس الخطر، ولفت الانتباه إلى طبيعة سير عملها. بالتالي، ووفقا لهذه المعطيات، فإن برامجها تعمل بالتزامن مع خطوات الاحتلال، ولكن تحت غطاء دولي، في سبيل إضعاف وإنهاك قطاعات الاقتصاد الفلسطيني وتعزيز ربطه بالاقتصاد الإسرائيلي؛ كونها لا تنفذ مشاريع تنموية من الممكن أن تجعل الاقتصاد الفلسطيني مستقلا نسبيا.
بذلك يمكن تلخيص البيئة الحاضنة للخطة الاقتصادية لنتنياهوف وفياضوف بالآتي:
أولا: تسع سنوات من الانتفاضة والإغلاق والحصار يتخللهن أربع سنوات من الاقتتال الداخلي الفلسطيني انتعشت أثناءه عمليات الاستيطان وتهويد القدس.
ثانيا:حكومة فلسطينية منتهية الصلاحية، في ظل عدم وضوح لسيناريوهات الانتخابات القادمة وشكلها.
ثالثا: ابتزاز إسرائيلي أمريكي للعرب بالتطبيع على مستويات أوسع، وعلى مذبح التطبيع يجب أن يقدم العرب قرابين من التنازلات لإسرائيل.
رابعا:اقتصاد فلسطيني مترهل ومنهك بكافة القطاعات، وأعلى معدلات فساد منذ العام 1994م.
في ظل هذه البيئة الحاضنة لهذه الخطة يلحظ بأنها من جملة الخطوات العبثية التي تسير في سياق تكرار نفس الأخطاء التي ارتكبها الساسة والاقتصاديون الفلسطينيون، وهي شبيهة تماما بخطة التنمية الممولة من الدول المانحة التي اعتادت على تقديم السمك بشكل يومي للشعب الفلسطيني ،عبر تقديم مساعدات عشوائية وفي نطاق مشاريع لا تحقق التنمية المستدامة ، بدلا من تعليمه الصيد مثلا بإنشاء مشروع يمكنه من الاعتماد على نفسه وتحقيق استقلالية عن اقتصاديات هذه الدول المانحة وإسرائيل، بذلك فهي تقبع في خانة عملية تجميد هرمونات النضوج للاقتصاد الفلسطيني وإبقائه قاصرا.
لست خبيرة بالاقتصاد لكني أفهم هذه البديهية جيدا ، والتي تتداولها جداتنا بشكل واسع "اطعم الفم تخجل العين"، بذلك تقع مشاريع ومساعدات الدول المانحة والمشاريع الاقتصادية الإسرائيلية المشروطة دوما تحت خانة إذلال الشعب الفلسطيني، ولنا في أحداث الانتفاضة عبرة وما حدث من نكسة للاقتصاد الفلسطيني.
تفاصيل هذه النكسة تمثلت، بأن جزءاً كبيراً من الفلسطينيين خلال مرحلة بعد أوسلو ، قد بدأوا يعملون داخل أراضي ال48 واقترن هذا العمل بإهمالهم لأراضيهم الزراعية بشكل واسع، وحالما بدأت الانتفاضة وتم الشروع ببناء الجدار العازل فقد آلاف الفلسطينيين عملهم داخل أراضي 48، هنا ومن فترة قريبة بدأ الرجوع للاعتناء بالقطاع الزراعي بشكل أكبر من قبل؛ لتؤكد هذه الخطوة على أن اقتصاد الزيت والزعتر هو الصامد في وجه دولة الاحتلال، التي لا يؤمن لها جانب. نعم اقتصاد الزيت والزعتر، وكيف لا هل رأى أحدكم غاندي يأكل البيتزا أو يرتدي التنورة الاسكتلندية! حتما لا .وبهذه الطريقة تحررت الكثير من بلدان العالم ووقفت على الأقدام من جديد، وأخذت موقعها تحت الشمس. اقتصاد تحت الاحتلال لا يجب أن يسيطر عليه الرفاه والنمط الاستهلاكي الواسع وسيارات مصفحة مستوردة.
ما أريد قوله أخيرا بمناسبة هذه الموضة من صرعات الخطط، إذا كان هناك شيء يستحق التوصيف ،بأنه تحد واستحقاق في هذه المرحلة، ليس بناء دولة مسخ عن فلسطين التاريخية خلال سنتين، بل هو القضاء على الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، واستعادة اللحمة بين أجزاء فلسطين المحتلة؛ فالتغاضي عن هذه المعضلة لا يجدي نفعا، فهي الأولوية التي يجب إعطاؤها الوقت الكافي لا القفز عنها والتظاهر بأن شيئا لم يحدث.
رفقه شقور
*صحفية وباحثة سياسية فلسطينية .
Refqa86@hotmail.com
"الدولة الفلسطينية سوف تقوم إذا صدقنا بأنها ستقوم"، آخر تصريحات فياضوف للنهار اللبنانية، منذ قرأت هذه الجملة بدأت أفكر بأي نوع من أنواع الجمل هي، هل هي جملة تمني أم جملة حالمة، ليست هذه بل هي جملة مشروطة حسب اللغويين، المسألة بهذه السهولة وقد تكون أكثر سهولة مما نتصور، صدق أن الدولة ستقوم بغض النظر عن ملامحها دولة أو دويلة أو إمارة أو مملكة بكل أشكالها، لن تكون إلا مسخا عن فلسطين التاريخية؛ أي كلما بادر الجانب الفلسطيني بتصديق قيامها وكلما بذل مجهودا في سبيل قيامها ستتضح معالمها أكثر، بالإضافة إلى أن الطريق إلى هذه الدولة تستغرق سنتين على التحديد وقيامها مرتبط بخطة اقتصادية طرحها كل من نتياهوف وفياضوف.
بنود هذه الخطة تقتضي قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح غير واضحة المعالم، وما يترتب على ذلك من إلغاء حق العودة والتعويض للفلسطينيين. وفي سبيل الخطوة السابقة يترتب القيام بلقاءات بين رؤساء البلديات المحتلة داخل أراضي 48، ونظرائهم من الفلسطينيين في مناطق السلطة الفلسطينية، يصاحب هذه اللقاءات إقامة مناطق صناعية مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ بهدف تشغيل 50 ألف فلسطيني في هذه المناطق، والحديث يدور عن الشروع بتنفيذ هذه المناطق في جنين وأريحا كمقدمة. واضح أن هذه الخطة قد وجد فياض عليها بصمات عربية خلال جولاته العربية مؤخرا ومباركة واسعة من قبل أطراف عربية لذلك أخذت المنحى التطبيقي على وجه السرعة.
إن قراءة أولية في هذه الخطة تفيد بأن خطواتها متعثرة، في سبيل قيام الدولة المفترضة، وهي حتما ستمنح غطاء كبيرا للاحتلال وسياساته التوسعية، وهي عملية نشر للوهم على مستوى عالمي وإقليمي وداخلي بأن الحل ممكن وأنه أضحى وشيكا ؛ فعربون السلام الذي يقدمه نتنياهو للفلسطينيين والعرب في هذه المرحلة، هو الإعلان عن وضع حجر أساس لمستوطنة جديدة، والتوسع الاستيطاني في بؤر استيطانية أخرى. وكل هذه الخطوات أعقبت إعلان نتنياهو عن تجميد الاستيطان مع منح بعض البؤر حقوق استثنائية بالتوسع؛ كيف لا وقد تمكن من إقناع الإدارة الأمريكية الجديدة، بأن مفاوضات مع الطرف الفلسطيني لا تشترط تجميدا للاستيطان. وعبر تجربة نتنياهو علم -خلالها- جيدا بأن كل ما يطبخه المجلس الوزاري الإسرائيلي المكبر والمصغر، وبكل أحجامه وقياسا ته يجد من يأكله ويشربه من الفلسطينيين والعرب، وزيادة على الطبق صفعة تأتي بعد تناوله بحرب إبادة هنا أو هناك؛ ليقول لسان حال إسرائيل اشربوا ما صنعت أيديكم يا مطايانا على الأرض.
إن رجوعا إلى بنود اتفاقية أوسلو في هذه المناسبة ،وبكل مناسبة بات أمرا حتميا؛ لاستعراض أبعاد هذه الخطوة تحت مظلة أوسلو. الاقتصاد الفلسطيني وحسب بنود اتفاقية أوسلو مقيد وأمامه العديد من العثرات، وهذا ينسحب على قطاعاته التجارية والزراعية والصناعية الخ. إن هذه القيود التي وضعتها أوسلو على الاقتصاد الفلسطيني تبدو طبيعية في سياق إجهاض أي محاولات مستقبلية لتحقيق، ولو استقلال اقتصادي فلسطيني نسبي عن الاقتصاد الإسرائيلي ومساعدات الدول المانحة.
وهنا يقودنا تشعب خيوط الخطة لاستعراض معضلة أخرى قد تساعدنا في فهم سير الأمور بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني بشكل أوسع، وهي المؤسسات الدولية العاملة في فلسطين، حيث جزء كبير منها يعمل منذ العام 48 في فلسطين المحتلة، هذه المؤسسات تحمل العديد من الأسماء التي تشير على بلدها الأم أو مؤسستها الدولية الأم التي تشرف على عملها ومنحها الموارد المالية والبشرية غالبا، حتى مؤخرا انتهت الحروف الإنجليزية التي تشير إلى أسمائها لنرى مؤسسات تحمل أسماء لاتينية وصينية ويابانية.
.
هذه حقيقة، فالاقتصاد الفلسطيني وكما هو واقع الحال "وكالة من غير بواب " كما اتضح عبر دراسة المركز الفلسطيني للنزاهة والشفافية والمساءلة أمان ، بأن هذه المؤسسات غير مسجلة لدى وزارة الداخلية الفلسطينية، ولا تقدم كشف عن موازناتها المالية، ولا تقدم مدونات سلوك، في الوقت الذي تمنح به أكبر نسبة رواتب لعامليها فإنه لا يترتب على المؤسسات والعاملين أي ضرائب، وفقا لقاعدة كونهم غير مسجلين لدى السلطة. هذا عدا عن حالة الفوقية التي اعتادت التعامل معها هذه المؤسسات مع كل من يحاول دق ناقوس الخطر، ولفت الانتباه إلى طبيعة سير عملها. بالتالي، ووفقا لهذه المعطيات، فإن برامجها تعمل بالتزامن مع خطوات الاحتلال، ولكن تحت غطاء دولي، في سبيل إضعاف وإنهاك قطاعات الاقتصاد الفلسطيني وتعزيز ربطه بالاقتصاد الإسرائيلي؛ كونها لا تنفذ مشاريع تنموية من الممكن أن تجعل الاقتصاد الفلسطيني مستقلا نسبيا.
بذلك يمكن تلخيص البيئة الحاضنة للخطة الاقتصادية لنتنياهوف وفياضوف بالآتي:
أولا: تسع سنوات من الانتفاضة والإغلاق والحصار يتخللهن أربع سنوات من الاقتتال الداخلي الفلسطيني انتعشت أثناءه عمليات الاستيطان وتهويد القدس.
ثانيا:حكومة فلسطينية منتهية الصلاحية، في ظل عدم وضوح لسيناريوهات الانتخابات القادمة وشكلها.
ثالثا: ابتزاز إسرائيلي أمريكي للعرب بالتطبيع على مستويات أوسع، وعلى مذبح التطبيع يجب أن يقدم العرب قرابين من التنازلات لإسرائيل.
رابعا:اقتصاد فلسطيني مترهل ومنهك بكافة القطاعات، وأعلى معدلات فساد منذ العام 1994م.
في ظل هذه البيئة الحاضنة لهذه الخطة يلحظ بأنها من جملة الخطوات العبثية التي تسير في سياق تكرار نفس الأخطاء التي ارتكبها الساسة والاقتصاديون الفلسطينيون، وهي شبيهة تماما بخطة التنمية الممولة من الدول المانحة التي اعتادت على تقديم السمك بشكل يومي للشعب الفلسطيني ،عبر تقديم مساعدات عشوائية وفي نطاق مشاريع لا تحقق التنمية المستدامة ، بدلا من تعليمه الصيد مثلا بإنشاء مشروع يمكنه من الاعتماد على نفسه وتحقيق استقلالية عن اقتصاديات هذه الدول المانحة وإسرائيل، بذلك فهي تقبع في خانة عملية تجميد هرمونات النضوج للاقتصاد الفلسطيني وإبقائه قاصرا.
لست خبيرة بالاقتصاد لكني أفهم هذه البديهية جيدا ، والتي تتداولها جداتنا بشكل واسع "اطعم الفم تخجل العين"، بذلك تقع مشاريع ومساعدات الدول المانحة والمشاريع الاقتصادية الإسرائيلية المشروطة دوما تحت خانة إذلال الشعب الفلسطيني، ولنا في أحداث الانتفاضة عبرة وما حدث من نكسة للاقتصاد الفلسطيني.
تفاصيل هذه النكسة تمثلت، بأن جزءاً كبيراً من الفلسطينيين خلال مرحلة بعد أوسلو ، قد بدأوا يعملون داخل أراضي ال48 واقترن هذا العمل بإهمالهم لأراضيهم الزراعية بشكل واسع، وحالما بدأت الانتفاضة وتم الشروع ببناء الجدار العازل فقد آلاف الفلسطينيين عملهم داخل أراضي 48، هنا ومن فترة قريبة بدأ الرجوع للاعتناء بالقطاع الزراعي بشكل أكبر من قبل؛ لتؤكد هذه الخطوة على أن اقتصاد الزيت والزعتر هو الصامد في وجه دولة الاحتلال، التي لا يؤمن لها جانب. نعم اقتصاد الزيت والزعتر، وكيف لا هل رأى أحدكم غاندي يأكل البيتزا أو يرتدي التنورة الاسكتلندية! حتما لا .وبهذه الطريقة تحررت الكثير من بلدان العالم ووقفت على الأقدام من جديد، وأخذت موقعها تحت الشمس. اقتصاد تحت الاحتلال لا يجب أن يسيطر عليه الرفاه والنمط الاستهلاكي الواسع وسيارات مصفحة مستوردة.
ما أريد قوله أخيرا بمناسبة هذه الموضة من صرعات الخطط، إذا كان هناك شيء يستحق التوصيف ،بأنه تحد واستحقاق في هذه المرحلة، ليس بناء دولة مسخ عن فلسطين التاريخية خلال سنتين، بل هو القضاء على الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، واستعادة اللحمة بين أجزاء فلسطين المحتلة؛ فالتغاضي عن هذه المعضلة لا يجدي نفعا، فهي الأولوية التي يجب إعطاؤها الوقت الكافي لا القفز عنها والتظاهر بأن شيئا لم يحدث.
رفقه شقور
*صحفية وباحثة سياسية فلسطينية .