الثلاثاء، 13 يوليو 2010

الدروس والعبر من سقوط طاغيه

بقلم _ سامي دياب
حينما تكشر الشعوب عن انيابها لايمكن ان تقف اي قوه في طريق مسيرتها والدروس والعبر كثيره وسوف اكتب سلسله من المقالات عن تلك التجارب التي حدثت في بلاد تتشابه إقتصاديتها وطبيعتها مع مصر ومن تلك التجارب تجربة الثوه الرومانيه في 21 ديسمبر 1989 بدأت هذه الثورة ضد النظام الحاكم في رومانيا من مدينة تيميشوارا التي تبعد مسافة 350 كيلومترا شمال غربي العاصمة بوخارست وقد اندلعت المظاهرات بعد صدور أمر ترحيل في 15 ديسمبر بحق لازلو توكيس وهو قس اصلاحي من أصل مجري. وقامت عناصر الشرطه السريه باخماد المظاهرات التي قام بها أنصاره بعنف. وقتل في هذه المظاهرات قرابة 150 شخص من المواطنين فيما جرح المئات وأعتقل أكثر من 200متظاهر حيث وقفت تيميشوارا وحدها تتحدى شرطة تشاوشيسكو طيلة خمسة ايام قبل أن تندلع شرارة الثورة في بوخارست وبقية أنحاء البلاد وقد تسبب الغضب من قتل الابرياء التي قامت به الشرطه السريه في رومانيا وهي جهاز يشبه مباحث أمن الدوله في مصر إلي إشعال فتيل الثوره وكان الرئيس الروماني السابق نيكولاي تشاوشيسكو يلقى خطابا أمام جمع حاشد في 21 ديسمبر1989 بالعاصمة الرومانية بوخارست عندما حدثت مقاطعة لخطابه في اشارة الى بدء معارك شرسة في الشوارع. وبلغ عدد الموتى 10 الاف شخص معظمهم من المدنيين. واندلعت معارك شرسة خارج بوخارست وفي مدن أخرى بينما كانت قوات الامن التي تحمي تشاوشيسكو تحارب مع الجيش لاحكام السيطرة على البلاد وقد تمكادت الشرطه السريه في إطلاق النار علي المحتجين بلارحمه وزاد إصرار الرومانيين علي الخلاص من الطاغيه وشارك الجيش في قتل المواطنيين المحتجين و. كانت طائرة هليكوبتر تحلق فوق المواطنيين وهي تطلق الرصاص علي طالبي الحريه والعداله واستخدمت قوات الطاغيه الاسلحه المحرمه في ميدان المعارك وهي إشاره أن الطغاه يقاتلون شعوبهم باسلحه أبشع من التي تستخدم في ميادين المعارك ودب التمرد والبلبله في صفوف الجيش بعد حمامات الدماء التي غطت شوارع رومانيا فقد انتشرت الثوره في كل مكان ورفض بعض الضباط في الجيش اطاعة الاوامر. وإعتبروا أن مقاومة الثوره هي أصدار أمر باعدام الناس بلارحمه وأنتشر التمرد في معظم الوحدات العسكريه التي رأت جثث القتلي في الشوارع ويوجد بينها ضحايا من أسر العسكريين نفسهم وقد إستنكر العالم مايدور من قتل بلارحمه للثوار في رومانيا ومن أهم الاسباب التي ساعدت في نجاح الثوره المناخ الدولي المحيط فمع سقوط جدار برلين واقتراب الحرب الباردة من نهايتها بدا واضحا ان الديكتاتور الروماني نيكولاي تشاوشيسكو أصبح يعيش خارج الزمن، وان سقوط اخر صروح الشيوعية في أوروبا الشرقية لم يعد ببعيد. لقد كان تشاوشيسكو مصابا بجنون العظمة بكل معنى الكلمة، وكان يصف نفسه بـ دانوب الفكر نسبة الى نهر الدانوب الشهير الذي يمر في رومانيا ويشكل أهم معالمها وشريان حياتها وبالرغم من ان شعبه كان الأفقر في أوروبا الشرقية إلا أنه كان يرى انه نبي رومانيا الفاضلة وان الرومانيين من اسعد شعوب العالم! وكان يفتخر بامتلاك 5 قصور أحدها يضم ألف حجرة وهو ما لا يملكه احد الحكام في العالم الحر وحتى اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا العظمى! هذا الى جانب قصوره الطائرات الرئاسية والمتنقلة القطارات الخاصة به لكن رغم أهمية كل ذلك لا يُذكر تشاوشيسكو اليوم إلا لكونه أحد القادة الذين أعدمهم شعبهم مع زوجته ايلينا على الملأ في أعقاب أسبوع من التمرد والعصيان الشعبيين في نهاية ديسمبر 1989 وهو ما يصطلح على تسميته بـ الثورة الرومانية 1989 التي أطاحت بنظام تشاوشيسكو. ورغم تأثره بـ ستالين لم تكن رومانيا في نهاية الحرب الباردة موالية لنظام موسكو بل كان تشاوشيسكو يميل الى نهج الزعيم اليوغوسلافي تيتو في عدم الانحياز في السياسة الخارجية ويعشق نموذج كيم إيل سونغ والد الزعيم الحالي كيم يونغ إيل في كوريا الشمالية ويطمح لتقديس أبناء شعبه له! لم يكترث تشاوشيسكو بالتغيرات المحيطة ببلاده وتبني زعيم الاتحاد السوفييتي ميخائيل جورباتشيف الى الـبيروسترويكا (إعادة البناء الاقتصادي) والـجلاسنوست (الانفتاح وحرية التعبير) ولم يعتقد ان نظامه سيكون الحلقة الأخيرة في مسلسل انفراط عقد الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية، بل على العكس كان يعمل على اعداد ابنه نيكو ليخلفه رغم المشاكل الأخلاقية وادمانه على الشرب والقمار وصيته الذائع في أوساط الشعب. واستمرت التحركات الشعبية يومي 17 و18 ديسمبر مترافقة مع دعوات الى اضرابات شلت البلد وتطورت الى احتلال الموظفين للدوائر والمقار الحكومية مع رفع شعار مثل نظام تشاوشيسكو سيسقط و«نحن الشعب». تشاوشيسكو كان في تلك الأثناء بزيارة رسمية الى ايران فطلب من زوجته معالجة الأمور، فأرسلت مندوبين لمفاوضة المتظاهرين وأبلغوهم بالموافقة على اطلاق السجناء ولكنهم رفضوا المطالبات باستقالة تشاوشيسكو. وفي ظل هذه الأجواء انتقلت عدوى الاحتجاج الى بوخارست التي عاد اليها تشاوشيسكو حيث طلب مخاطبة الشعب، وخلال خطابه أمام 110 آلاف ارتأى ان يمتدح «انجازات الثورة الاشتراكية» وما حققه نظامه منذ توليه الأمانة العامة للحزب الشيوعي عام 1965 ثم الرئاسة عام 1974 وحتى 1989 وباستثناء وعده بزيادة الرواتب بـ 4 دولارات (نحو 5% من معدل الرواتب حينها) تركز كلامه على تخوين وإهانة المحتجين في مدينة تيميشوارا. كان الخطاب منقولا مباشرة على الهواء لكن البث انقطع واستبدل بكليبات تشيد بتشاوشيسكو وانجازاته ففهم سكان رومانيا الذين كان نحو 75% منهم يتابعون الخطاب ان شيئا ما غير طبيعي كان يحصل. وبالفعل ردد الحضور باستثناء الجالسين بالصفوف الأمامية هتافات منددة بالرئيس دفعته الى قطع خطابه والدخول الى القصر.حاول اكمال خطابه من شرفة القصر لكن الصفير والتنديد وشعارات مثل (ستسقط يا ديكتاتور.. والعقاب للقاتل) أجبرته على وقف المحاولات.أمر تشاوشيسكو رجال الشرطة بقمع المتظاهرين ما أدى الى سقوط مزيد من الضحايا، علما بأن الثورة بهروب الرئيس لكن المتظاهرين لم ييأسوا بل عادوا الى محاصرة القصر الرئاسي في اليوم التالي (22 ديسمبر) مرددين هتافات أرعبت تشاوشيسكو فسارع الى المغادرة مع زوجته عبر احد الممرات السرية ليستقل مروحيته ويتوجه الى خارج العاصمة بوخارست، ولكن في طريقه الى مخبئه الخاص اكتشفه بعض الفلاحين الذين ألقوا القبض عليه وسلموه الى الثوار الذين كبلوا يديه ويدي زوجته وقاموا بإعدامهما رميا بالرصاص في مشهد نقل مباشرة على الهواء ليتابعه أبناء الشعب ليراه الرومانيون ويقتنعوا بأنه قد قضي على الديكتاتور فعلا وتبقي هذه التجربة حيه للعيان علي أن ارادة الشعوب هي الغالبه وأن الطغاه مهما يعيشون لابد من سقوطهم

هناك تعليق واحد:

السموأل الراجي يقول...

بالفعل دروس وعبر من سقوط طغاة على شاكلة تشاوسسكو الذي أطاحت به فيالق المارينز المتمركزة في موانئ شمال ألمانيا وانزالات متعددة للمضليين بدعوة من أطراف ليبرالية مثله مثل عدو قطاعات واسعة تشكل الأغلبية من شعبه على شاكلة صدام حسين وهو نفس المصير والبقية قد تأتي ان لم يتح مجال للتغيير مثل الطغاة بشار الأسد والعقيد المخبول القذافي